الحكم القضائي على روعة بيوتي ويكيبيديا: سجن، تعويض، وجدل حول حرية التعبير في المغرب

الحكم القضائي على روعة بيوتي ويكيبيديا: سجن، تعويض، وجدل حول حرية التعبير في المغرب
أثارت محكمة مغربية مؤخّراً جدلاً واسعاً بعد صدور حكم يقضي بسجن مؤثرة مواقع التواصل الاجتماعي “روعة بيوتي” مدة أربعة أشهر نافذة، مع إلزامها بدفع تعويض مالي قدره 20 مليون سنتيم لصالح شركة عقارية تُدعى “بانوراميك”. تأتي هذه العقوبة على خلفية نشرها مقاطع فيديو تستعرض فيها انزعاجها من ضجيج أشغال بناء بالقرب من منزلها، ما دفع الشركة لرفع دعوى قضائية تتهمها بالتشهير ونشر معلومات “زائفة” والتصوير دون إذن. هذا الحدث أعاد إلى النقاش العمومي والأساسي تساؤلات حول مدى التوازن بين الحق في التعبير والتزام احترام القوانين التي تحمي سمعة الغير، خصوصاً في الفضاء الرقمي. في هذه المقالة نستعرض تفاصيل القضية، الأطراف، الحجج القانونية، الأثر الاجتماعي، ومآلات ما بعد الحكم.
من هي روعة بيوتي ويكيبيديا وما مسار الشهرة والنشاط الرقمي؟
روعة بيوتي هي مؤثرة مغربية تُعرف باسمها الفني على منصات التواصل الاجتماعي، تشارك محتوى يجمع الجمال، المكياج، والموضة، بالإضافة إلى حياة يومية تعكس تجربة المؤثر الرقمي. الاسم الحقيقي عزيزة، وتنشط من مدينة الدار البيضاء، وقد درست حتى ماستر في الموارد البحرية، لكنها اختارت أن توجّه نشاطها نحو المحتوى الجمالي والتفاعل مع جمهور واسع يضم متابعات ومتابعين يهتمون بالنصائح الجمالية، الرأي في المنتجات، والمظهر الخارجي. شهرتها ازدادت بفضل محتوانا جذاب، وغير رسمي، يتخلّله نقد لأمور يومية وأحيانا للواقع المادي المحيط بها، كما في الحالة التي أثارت القضية الحالية: احتجاج على ضجيج بناء قريب من بيتها.
الوقائع القانونية: ما هي حيثيات الدعوى والحكم الصادر؟
القضية بدأت بنشر روعة بيوتي فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي تنتقد فيها مشروعًا عقاريًا يحمل اسم “بانوراميك” بسبب الضوضاء الناتجة عن أشغال البناء قرب منزلها، والتأثير البيئي المحتمل على محيطها السكني. الشركة تقدمت بقضية قضائية اتهمتها بأنها اقتحمت الورش وصورت دون إذن، ونشرت ما وصفته الشركة بـ “معطيات زائفة” تضرّ بسمعتها ومشروعها. المحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع في الدار البيضاء حكمت بسجن روعة بيوتي أربعة أشهر نافذة، وإلزامها بدفع تعويض مالي قدره 20 مليون سنتيم لفائدة الشركة العقارية. الشركة شرعت أيضًا في إجراءات الحجز على ممتلكاتها وحسابها البنكي لاستخلاص مبلغ التعويض.
شاهد أيضاً: سعدون الساعدي ويكيبيديا السيرة الذاتية
التشهير، الحق في التعبير، والقوانين المغربية المعمول بها؟
في النظام القانوني المغربي، الحق في حرية التعبير مكفول دستورياً، لكن ليس دون حدود؛ إذ توجد قوانين تضبط التشهير، النشر، الخصوصية، وحقوق الغير. النقد يعتبر جزءًا من التعبير العام، ولكن ما إن تجاوز ويُصوَّر كاتهام لجهة دون دليل أو إثبات، قد يقع تحت طائلة التشهير. في هذه القضية، السؤال القانوني يدور حول ما إذا كانت فيديوهات روعة بيوتي تنطوي على نشر معلومات خاطئة عمدًا، أو تصوير دون إذن، مما أرجع الشركة إلى اللجوء للقضاء. القانون المغربي يعاقب على التشهير، خاصة إذا كان باعثه هو النشر الواسع وتأثيره على سمعة الأفراد أو المؤسسات. كذلك، يُنظر إلى واجب الإثبات من قبل المتهم، وتقييم الضرر المادي والمعنوي، وهو ما اشتمل الحكم عليه – حيث ألزمت روعة بيوتي بدفع تعويض معتبر.
ردود الفعل المجتمعية: بين التضامن والنقد؟
أثارت القضية تفاعلًا كبيرًا على منصات التواصل الاجتماعي داخل المغرب وخارجه. كثير من المستخدمين عبّروا عن التضامن مع روعة بيوتي، معتبرين أن احتجاجها على الضجيج والآثار البيئية حق مشروع، وأن العقوبة مبالغ فيها ضد من يعبر عن معاناة يومية. في الجانب الآخر، هناك منتقدون يرون أن المؤثرة تجاوزت حدود النقد المشروع، خاصة مع تصوير موقع لا تملكه الشركة، واقتحام وادعاء معلومات تعتبره الشركة “زائفة” دون تقديم إثباتات كافية. بعض الملاحظين يرون أن القضية أصبحت علامة فارقة في العلاقة بين المؤثر الرقمي والمشاريع الاقتصادية، وقد تسهم في تشديد الضوابط القانونية والتنظيمية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
الأثر الشخصي والمهني على روعة بيوتي بعد الحكم؟
الحكم القضائي له تداعيات متعددة على حياة روعة بيوتي الشخصية والمهنية. من الناحية القانونية، السجن لأربعة أشهر يؤثر مباشرة على نشاطها اليومي وقدرتها على التفاعل مع جمهورها أو إنجاز التزامات مهنية. التعويض المالي قد يفرض أعباء كبيرة، خاصة مع احتمال الحجز على الممتلكات أو الحساب البنكي. مهنياً، السمعة قد تتضرر، فالشركات والعلامات التجارية قد تتردد في التعامل معها خوفًا من المخاطر القانونية أو الانتقادات المرتبطة باسمها. ومع ذلك، في الجانب الآخر، قد تجلب هذه القضية دعمًا من فئة من الجمهور تؤمن بحرية التعبير والرأي – مما قد يزيد من تفاعلها وانتشارها رغم العقوبة. أيضًا، الاستئناف قد يغير الحكم أو يقلّل العقوبة؛ وهي خطوة محتملة نظرًا للاحتجاجات والمطالبات بإعادة النظر.
السيناريوهات المحتملة للمستقبل القضائي والإعلامي؟
هناك عدة احتمالات لما يُمكن أن يحدث من الآن فصاعدًا. أولاً، روعة بيوتي قد تستأنف الحكم القضائي، وقد يحدث تعديل في المدة أو في مبلغ التعويض، خصوصًا مع وجود مطالب من الشركة بزيادة العقوبة والتعويض في الاستئناف. ثانيًا، ربما يُثار موضوع تنظيم محتوى المؤثرين رقميًا في القانون أو التشريعات، ليكون هناك ضوابط أو مواصفات يجب مراعاتها عند انتقاد مشاريع عامة أو خاصة. ثالثًا، هذه القضية قد تشكّل سابقة قانونية تُستخدم في محاكم قادمة لمحاكاة مواقف مشابهة، ما يجعل المؤثرين أكثر حرصًا فيما ينشرون، خصوصًا إذا تعلق الأمر بمشاريع عقارية أو إشغال عام. أخيرًا، من الممكن أن تؤثر هذه القضية على الرأي العام بتأكيد أن حرية التعبير مهمة، ولكن أيضًا أن المسؤولية القانونية مترتبة عند تجاوز هذه الحرية فيما يخص سمعة الغير، خاصة من المشاريع التي تستثمر موارد كبيرة ولها تأثير اجتماعي واقتصادي.